انخفاض أسعار النفط يعمّق جراح الأسواق الناشئة.. هل تصمد دول الخليج الصمود؟

انخفاض أسعار النفط يضغط
منصة لإنتاج النفط
Your Ad Here

أدى انخفاض أسعار النفط إلى أزمة مالية حقيقية في دول ناشئة تعتمد على الخام كمصدر رئيسي للدخل، بينما لم تستفد الدول المستوردة سوى بشكل جزئي بسبب الغموض الاقتصادي العالمي.

انخفاض أسعار النفط يزيد الضغط على الأسواق الناشئة

في وقت تتزايد فيه التقلبات العالمية، جاء انخفاض أسعار النفط ليضيف عبئًا ثقيلًا على كاهل الأسواق الناشئة، التي باتت تعاني من آثار متصاعدة جراء تراجع العوائد النفطية.

وبينما يُفترض أن تستفيد بعض الدول المستوردة من هذا التراجع، فإن أجواء الركود العالمي والمخاطر الجيوسياسية تحدّ كثيرًا من هذه المكاسب المحتملة.

الانخفاض الأخير في أسعار النفط جاء وسط توترات تجارية حادة

 

الهبوط الحاد في أسعار النفط لم يكن مجرد نتيجة لعوامل العرض والطلب، بل جاء مدفوعًا بسلسلة قرارات سياسية واقتصادية مثيرة للقلق، على رأسها فرض الرسوم الجمركية الجديدة من قبل الإدارة الأمريكية.

ففي مطلع أبريل، أعلن الرئيس دونالد ترامب تطبيق رسوم واسعة، وهو ما تسبب في مخاوف من تباطؤ الاقتصاد العالمي، وبالتالي انخفاض الطلب على النفط.

انخفاض أسعار النفط

 

هذه المخاوف دفعت أسعار خام برنت إلى الهبوط بأكثر من 20% خلال أسبوع، ليصل إلى أدنى مستوياته منذ أربع سنوات، قبل أن يتعافى جزئيًا إلى مستوى 66 دولارًا للبرميل.

ورغم هذا التعافي المؤقت، فإن حالة عدم الاستقرار ما تزال مسيطرة على أسواق الطاقة، وتثير قلق المصدرين والمستوردين على حد سواء.

 

الدول المستوردة للنفط: استفادة نسبية وسط مناخ غامض

 

نظريًا، يمثل انخفاض أسعار النفط فرصة ذهبية لبعض الأسواق الناشئة المستوردة مثل تركيا والهند والمغرب وباكستان ومصر.

فانخفاض سعر الخام يخفف من عبء فاتورة الاستيراد، ويقلص الضغط على ميزان المدفوعات، كما يساعد في تهدئة معدلات التضخم.

انخفاض أسعار النفط

لكن هذه المكاسب لا تأتي دون ثمن،  فالحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، والمخاطر المتزايدة من ركود عالمي، تضعف من قدرة هذه الدول على الاستفادة الكاملة من الأسعار المنخفضة.

تقلص النشاط الصناعي العالمي وانخفاض الطلب الاستهلاكي، يعني أن الاستيراد الأرخص للنفط لا ينعكس دائمًا في نمو اقتصادي فعّال.

 

الضرر الأكبر للمصدرين: من نيجيريا إلى فنزويلا

 

على الطرف الآخر، تتحمل الدول المصدّرة للنفط العبء الأكبر، ففي نيجيريا، تراجعت جاذبية أدوات الدين المحلية بشكل واضح، وسط مخاوف من فقدان العملة المحلية “النيرة” لقيمتها.

هذا القلق دفع بنك “جيه.بي مورجان” للتحذير من أن البنك المركزي النيجيري قد يحتاج إلى تكثيف تدخله في سوق الصرف لتثبيت الاستقرار.

 

أما في أنجولا، فقد كشفت وزارة المالية عن دفعها مبلغ 200 مليون دولار خلال أسبوع واحد، بعد تفعيل بند “نداء الهامش” من قبل بنك “جيه.بي مورجان”، وذلك بسبب انخفاض قيمة السندات الأنجولية نتيجة تراجع أسعار النفط.

تزامن ذلك مع صعوبات كبيرة تواجهها أنجولا في دخول سوق السندات الدولية، بسبب ارتفاع مديونيتها الخارجية، خصوصًا تجاه الصين.

 

كما لم تسلم دول مثل فنزويلا، كولومبيا، البرازيل، والمكسيك من التأثير السلبي لتقلب أسعار الخام، حيث تواجه جميعها ضغوطًا على موازناتها العامة وتراجعًا في الاحتياطيات الأجنبية، مما يزيد من احتمالية ارتفاع علاوات المخاطر على ديونها السيادية.

 

تحذيرات صندوق النقد: ديون أنجولا في منطقة الخطر

 

صندوق النقد الدولي دخل على الخط، محذرًا من أن ديون أنجولا أصبحت ضمن فئة “مرتفعة المخاطر”، في ظل الانخفاض الحاد لعوائد النفط.

ورغم تأكيد الحكومة الأنجولية أنها ما تزال تحافظ على مسار مالي مستقر، فإن الأرقام توضح أن الوضع أكثر هشاشة مما يبدو.

 

هل تستطيع دول الخليج الصمود؟

 

رغم اعتماد اقتصاد دول الخليج بشكل كبير على النفط، فإن أوضاعها المالية تبدو أكثر تماسكًا من نظيراتها في الأسواق الناشئة.

الاحتياطيات الأجنبية القوية، وانخفاض مستويات الدين العام، إلى جانب برامج تنويع الاقتصاد مثل “رؤية السعودية 2030″، تمنح هذه الدول هامشًا أوسع للتحرك.

انخفاض أسعار النفط يضغط

لكن حتى هذه الاقتصادات ليست في مأمن كامل، فاستمرار انخفاض أسعار النفط قد يؤثر سلبًا على خطط الإنفاق الرأسمالي ومشاريع التنمية الكبرى، خاصة في السعودية والإمارات.

كما أن انخفاض العائدات قد يعيد ترتيب أولويات الموازنات ويؤجل تنفيذ بعض المشروعات.

 

رؤية مستقبلية غامضة للمصدرين والمستوردين

 

في ظل هذه المتغيرات، لا يبدو المستقبل واضحًا لا للدول المصدرة ولا للمستوردة، صحيح أن انخفاض الأسعار قد يمنح متنفسًا قصير المدى للمستوردين، لكنه لا يضمن استقرارًا طويل الأجل، خاصة مع تصاعد التوترات الجيوسياسية، واضطراب سلاسل الإمداد، وعودة الحديث عن الركود العالمي.

 

وتوضح مونيكا مالك، كبيرة الاقتصاديين في بنك أبوظبي التجاري، أن أي مكاسب قصيرة ناتجة عن انخفاض أسعار الخام قد تتلاشى سريعًا في حال استمرت التحديات العالمية، مشيرة إلى أن الصورة الكاملة أكثر تعقيدًا من مجرد النظر إلى السعر في حد ذاته.

شارك المقال الآن

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

فيديو التريند

تابع أخبارنا

مقالات الرأي