يصل المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف ووزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إلى سلطنة عُمان، السبت، لإجراء محادثات حول البرنامج النووي الإيراني.
فيما يأتي أبرز محطات هذين المفاوضين، حسب «وكالة الصحافة الفرنسية» في الآتي:
ويتكوف: من العقارات إلى السياسة العالمية
دون أدنى خبرة سابقة في مجال السياسة الخارجية، تولى ويتكوف أحد أهم المناصب في العالم كمبعوث خاص للرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى الشرق الأوسط، ومذاك قاد محادثات بالغة الأهمية بشأن غزة وأوكرانيا.
برز قطب العقارات ستيف ويتكوف لأول مرة عندما أشاد به صديقه المقرب دونالد ترمب لدوره في إبرام هدنة في الحرب بين إسرائيل و«حماس».
ورغم انهيار وقف إطلاق النار بعد أسابيع، فقد مكَّن من إطلاق سراح 25 رهينة على قيد الحياة وإعادة رفات 8 آخرين.
ولاحقاً، أصبح يتكوف، وهو ملياردير يبلغ 68 عاماً وشريك ترمب الدائم في لعب الغولف، أول مسؤول أميركي يزور غزة منذ بدء الحرب، عقب هجوم «حماس» على إسرائيل عام 2023.
وكانت أيضاً أول زيارة يقوم بها مسؤول أميركي للقطاع منذ 15 عاماً.
ودافع ويتكوف عن تصريح ترمب المثير للجدل بأنه يريد «الاستيلاء» على الأراضي الفلسطينية وتهجير سكانها البالغ عددهم مليوني نسمة. وقال للصحافيين في البيت الأبيض: «عندما يتحدث الرئيس عن تطهيرها، فإنه يتحدث عن جعلها صالحة للسكن… وهذه خطة طويلة الأمد».
وقاد ويتكوف المفاوضات بشأن أوكرانيا، بعدما تراجع ترمب عن سياسة سلفه جو بايدن تجاه روسيا.

وكان ويتكوف في روسيا للقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عندما اندلعت فضيحة بسبب محادثة مسرَّبة حول غارة جوية يمنية على تطبيق «سيغنال»، شملت مستشار الأمن القومي مايك والتز ومسؤولين آخرين.
وتعرّض ويتكوف نفسه لانتقادات من الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بسبب إشادته ببوتين، وظهوره كأنه يُضفي الشرعية على ضم روسيا لأجزاء من أوكرانيا.
وفي مارس (آذار)، كان ويتكوف، موفد ترمب في السعودية لإجراء محادثات بشأن أوكرانيا، مُعرباً عن تفاؤله بأن أي اتفاق يُبرم قد يُمهّد الطريق لوقف إطلاق نار «شامل».
وجعل ترمب من إنهاء الحروب التي لم يستطع بايدن وضع حد لها هدفاً في سياسته الخارجية؛ ما يعني أن المخاطر هائلة بالنسبة إلى ويتكوف.
في النهاية، لم يستمر انتصار ويتكوف في غزة طويلاً؛ إذ استأنفت إسرائيل، حليفة الولايات المتحدة، غاراتها المكثفة على القطاع في 18 مارس (آذار).
وفيما يتعلق بأوكرانيا، لم يقبل الرئيس الروسي بعد بهدنة طويلة الأمد.
وُلد ويتكوف في 15 مارس(آذار) 1957، بحي برونكس في نيويورك، وجمع ثروته في مجال العقارات، بداية كمحامٍ للشركات، ثم على رأس شركات عقارية كبرى.
في عام 1997، أسَّس مجموعة ويتكوف التي تقدّم نفسها على أنها «مزيج من مطوِّر ومستثمر ومُغير للواقع»، وتعمل فيها زوجته وابنه.
عراقجي: مفاوض نووي دائم
على النقيض من ويتكوف، يُعدّ عراقجي دبلوماسياً محترفاً ومهندساً رئيسياً للاتفاق النووي لعام 2015، وسيضغط على الولايات المتحدة لرفع عقوباتها القاسية على إيران.
وكان تعيين عراقجي خطوة متوقَّعة، نظراً لدوره في المفاوضات السابقة. وشغل حينها منصب نائب وزير الخارجية للشؤون السياسية في عهد وزارة محمد جواد ظريف.
واشتهر عراقجي، عندما تولى قيادة فريق المفاوضين النوويين خلال المفاوضات من 2013 إلى 2021، ولعب دوراً محورياً في المفاوضات التي انتهت بالاتفاق النووي عام 2015، وكذلك المفاوضات التي جرت في نهاية حكومة حسن روحاني، بهدف إحياء الاتفاق النووي.
ويبلغ الرجل 62 عاماً، وله مسيرة مهنية طويلة حملته على تأدية أدوار متعددة في وزارة الخارجية الإيرانية.
وسبق أن شغل منصب سفير إيران لدى كل من اليابان وفنلندا، ومنصب نائب وزير الخارجية لشؤون آسيا والمحيط الهادئ لمدة عامين، قبل أن يصبح المتحدث باسم الوزارة في عام 2013 لفترة قصيرة.
كما شغل لفترة قصيرة منصب رئيس بعثة الجمهورية الإسلامية إلى «منظمة المؤتمر الإسلامي» بجدة.
وُلد عراقجي عام 1962 في طهران، في عائلة ثرية تُعدّ من كبار التجار، واختار مساراً مختلفاً عن أفراد عائلته، لكنه تزوج ابنة التاجر علي عبد اللهيان، المحسوب على حزب «مؤتلفة الإسلامي»، أبرز التشكلات السياسية في بازار طهران.
انضم عراقجي الذي يُعرف بهدوئه، إلى كلية العلاقات الدولية في وزارة الخارجية، كغيره من أبناء الأسر المتنفِّذة، وحصل على شهادة الماجستير في العلوم السياسية من جامعة آزاد الإسلامية، قبل أن ينتقل للمملكة المتحدة؛ حيث حصل على درجة الدكتوراه في الفكر السياسي من جامعة «كنت» منتصف التسعينات.
انضم عراقجي إلى «الحرس الثوري» مع تأسيسه في 1979 بعد الثورة التي أطاحت بنظام الشاه. خدم في المكتب السياسي لـ«الحرس» خلال الحرب الإيرانية العراقية في ثمانينات القرن الماضي، قبل أن ينضم إلى وزارة الخارجية خبيراً في الشؤون الدولية.

في يونيو (حزيران) 2016، نقلت مجلة «رمز عبور» التابعة للأجهزة الأمنية، عن قائد «الحرس الثوري» الأسبق، جواد منصوري، قوله إن عراقجي «دخل السلك الدبلوماسي بمهام من (الحرس الثوري)»، مشدداً عن أن عراقجي «ينتمي إلى (فيلق القدس)» في إشارة إلى الذراع الخارجية لـ«الحرس الثوري».
وفي الحوار نفسه، سلَّط منصوري الضوء على دور «الحرس الثوري» في تسمية السفراء الإيرانيين لدى الدول العربية، وذكر في حواره أن السفراء لدى العراق ولبنان وسوريا هم من منتسبي «فيلق القدس». ونفى كل من عراقجي والخارجية الإيرانية هذه التصريحات.
عُيّن عراقجي وزيراً للخارجية بعد تولي الرئيس مسعود بزشكيان الذي دعا إلى إحياء المحادثات مع الغرب، منصبه في يوليو (تموز). وكان كبير المفاوضين في المحادثات التي تُوّجت بالاتفاق النووي التاريخي عام 2015 مع القوى العالمية الذي فرض قيوداً على البرنامج النووي الإيراني مقابل تخفيف العقوبات.
لكنّ خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي) انهارت بعد انسحاب الولايات المتحدة منها، خلال ولاية دونالد ترمب الأولى، وإعادة فرض عقوبات اقتصادية شاملة.
وقاد عراقجي فريق المفاوضين الإيرانيين في مفاوضات فيينا التي انطلقت في أبريل (نيسان) 2021، بالشهور الأولى من تولي الرئيس الديمقراطي جو بايدن، والشهور الأخيرة على الولاية الثانية للرئيس المعتدل نسبياً حسن روحاني.
ورغم إحراز تقدم في مفاوضات فيينا، فإن روحاني لم يحصل على موافقة المرشد الإيراني علي خامنئي والمجلس الأعلى للأمن القومي لإكمال المفاوضات.
ومع تولي الرئيس الإيراني السابق، إبراهيم رئيسي، الذي كلف علي باقري كني الإشراف على المفاوضات النووية، انتقل عراقجي لمنصب نائب رئيس اللجنة العليا للعلاقات الخارجية، الخاضعة لمكتب المرشد الإيراني، وبقي في المنصب لمدة 3 سنوات.
وما زال عراقجي مؤيداً للاتفاق، لكنه صرّح في مقابلة حديثة مع «وكالة أنباء خبر أونلاين» بأن خطة العمل الشاملة المشتركة «لا يمكن إحياؤها بشكلها ونصِّها الحاليين».
وقال: «لقد تقدم برنامجنا النووي بشكل ملحوظ، ولم يعد بإمكاننا العودة إلى شروط خطة العمل الشاملة المشتركة»، مضيفاً أن الاتفاق «لا يزال بإمكانه أن يكون أساساً ونموذجاً للمفاوضات».
ورغم أن عراقجي لديه خبرة واسعة في المفاوضات النووية، فإن دوره التفاوضي لا يعني امتلاكه صلاحياته في اتخاذ القرار النووي، الذي يخضع للمجلس الأعلى للأمن القومي، ويصادق على قراراته المرشد علي خامنئي.
وفي ربيع العام الماضي، كلف خامنئي مستشاره الخاص، علي شمخاني، الإشراف على مسار المفاوضات غير المباشرة مع الولايات المتحدة.