سعر السولار، في خطوة رسمية هي الأولى من نوعها خلال عام 2025، أعلنت الحكومة المصرية رفع أسعار الوقود، بما في ذلك البنزين والسولار، بنسب تتجاوز 14%.
وجاء القرار ضمن إجراءات تهدف إلى خفض دعم الطاقة، تنفيذًا لما نصت عليه التزامات مصر مع صندوق النقد الدولي.
وقد دخلت الأسعار الجديدة حيز التنفيذ صباح الجمعة، بحسب ما أوردته وسائل إعلام محلية.
سعر السولار بعد الزيادة
جاء التعديل الأبرز في سعر السولار بعد الزيادة، حيث تم رفعه بقيمة جنيهين ليصل إلى 15.50 جنيه للتر بدلًا من 13.50 جنيه، ويُعد السولار من أكثر أنواع الوقود استخدامًا في قطاعات النقل والإنتاج، ما يجعل الزيادة ذات أثر اقتصادي واسع.
أسعار البنزين في مصر بعد الزيادة
فقد شهدت زيادات متفاوتة، حيث ارتفع سعر بنزين 80 إلى 15.75 جنيه للتر، وبنزين 92 إلى 17.25 جنيه، بينما سجل بنزين 95 نحو 19 جنيهًا للتر. وتراوحت نسب الارتفاع بين 11.76% و14.81% حسب نوع الوقود.
أسباب رفع سعر السولار بعد الزيادة
تسعى الحكومة المصرية من خلال هذه الزيادة إلى تحقيق عدد من الأهداف الاقتصادية التي ترتبط بالتحولات في دعم الوقود وتوازنات الاقتصاد الوطني. تشمل الأسباب الرئيسية التي تساهم في هذه الزيادة:
-
إصلاحات الدعم المحلي
كان الدعم الحكومي للوقود في مصر يمثل عبئًا كبيرًا على الميزانية العامة، حيث خصصت الحكومة 154 مليار جنيه لدعم الوقود في السنة المالية الحالية. مع الالتزامات المالية الدولية، بدأ الدعم ينخفض بشكل تدريجي ليتماشى مع برامج صندوق النقد الدولي.
زيادة أسعار البنزين والسولار، مصر لن تؤجل رفع أسعار الوقود رغم انخفاض النفط
-
ضغوط من صندوق النقد الدولي
يطالب صندوق النقد الدولي مصر بخفض الدعم تدريجيًا وفقًا للبرنامج الاقتصادي الذي تم الاتفاق عليه، الذي يهدف إلى الوصول إلى تغطية التكلفة الفعلية للوقود بحلول نهاية عام 2025. وبالتالي، فإن رفع أسعار الوقود يأتي في إطار التزام الحكومة بهذه التوجيهات.
-
التأثيرات الاقتصادية العالمية
تستورد مصر 40% من احتياجاتها من الوقود، مما يجعلها عرضة لتقلبات أسعار النفط العالمية، بالإضافة إلى تأثيرات انخفاض قيمة الجنيه المصري.
بينما استقرت أسعار النفط العالمية حول 73 دولارًا للبرميل، إلا أن سعر الميزانية المصرية كان مبنيًا على 80 دولارًا للبرميل، مما استدعى الزيادة لتغطية الفجوة.
تأثيرات زيادة سعر السولار على الاقتصاد المصري
تعتبر زيادة أسعار الوقود، وخاصة السولار، خطوة مهمة في إصلاح الاقتصاد المصري، حيث أن السولار يعد من أنواع الوقود الأساسية في قطاع النقل والمواصلات.
يساهم الديزل في نحو 70% من وسائل النقل، وبالتالي فإن زيادة الأسعار ترفع بشكل مباشر تكاليف النقل والشحن، ما يؤثر بدوره على تكاليف المنتجات الأخرى.
في المقابل، تسعى الحكومة إلى تقليل الاعتماد على الوقود من خلال تحسين وسائل النقل العامة وتوسيع شبكة القطارات فائقة السرعة.
دعم صندوق النقد الدولي والمراجعة الرابعة
تأتي هذه الخطوة بعد نحو شهر من موافقة صندوق النقد الدولي على صرف شريحة تمويل جديدة بقيمة 1.2 مليار دولار لمصر، وذلك عقب الانتهاء من المراجعة الرابعة ضمن برنامج القرض البالغ 8 مليارات دولار، والذي بدأ في عام 2023.
وأكد الصندوق في تقاريره أن مصر ملتزمة بخفض دعم الطاقة تدريجيًا للوصول إلى الأسعار الحقيقية بحلول ديسمبر 2025، في محاولة للحد من عجز الحساب الجاري.
تسهيلات مستمرة وتوصيات منذ 2016
منذ عام 2016، حصلت مصر على عدة تسهيلات تمويلية من صندوق النقد، بدأت بقرض بقيمة 12 مليار دولار يهدف إلى إنعاش الاقتصاد عقب فترة من التحديات السياسية والاقتصادية.
وتضمنت التوصيات المستمرة من الصندوق ضرورة تخفيف الدعم عن الوقود والكهرباء والسلع الأساسية، مع التركيز على توسيع شبكات الأمان الاجتماعي لحماية الفئات الأكثر احتياجًا.
جدول مراجعة أسعار السولار والبنزين
في يوليو 2024، صرّح رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي بأن الدولة لم تعد قادرة على تحمّل عبء الدعم بالشكل التقليدي، وأكد على خطة لتحرير أسعار الوقود تدريجيًا حتى نهاية عام 2025.
وفي أكتوبر من العام نفسه، أشار مدبولي إلى تجميد الأسعار لمدة 6 أشهر بهدف الحد من التضخم، وهو ما انتهى بإعادة النظر في الأسعار خلال الربع الحالي.
وقال وزير البترول كريم بدوي في أكتوبر 2024، عقب آخر زيادة وكانت تتراوح بين 11 و17%، إن مصر لا تزال تنفق نحو 10 مليارات جنيه مصري (197.71 مليون دولار) على دعم الوقود شهريا، على الرغم من رفع الأسعار 3 مرات في عام 2024.
من المتوقع أن تُعاد مراجعة الأسعار مرة أخرى في يوليو المقبل، ضمن الآلية ربع السنوية التي تتبعها لجنة التسعير منذ عام 2019، والتي تأخذ في اعتبارها الأسعار العالمية للنفط وسعر صرف الجنيه مقابل الدولار.
التوازن بين الإصلاح الاقتصادي والضغوط الاجتماعية
تعكس هذه الزيادة في سعر السولار بعد الزيادة وباقي منتجات الوقود توجه الحكومة نحو تحقيق التوازن بين الإصلاحات الاقتصادية ومتطلبات الحماية الاجتماعية، خاصة في ظل ضغوط متزايدة على الموازنة العامة، وارتفاع أسعار النفط عالميًا، إلى جانب تراجع الجنيه المصري أمام الدولار، حيث يبلغ سعر الدولار حاليًا نحو 51.28 جنيهًا.
وبهذا القرار، تؤكد الدولة التزامها بالمسار الإصلاحي الذي يحقق أهدافها المالية على المدى المتوسط، مع محاولة تخفيف آثار تلك الإجراءات على المواطنين من خلال برامج الحماية والدعم الموجه.
شهدت مصر في عام 2024 انخفاضا حادا في عائدات قناة السويس، وهي مصدر رئيسي للعملة الأجنبية للحكومة، حيث دفعت الحرب في غزة جماعة الحوثي المتحالفة مع إيران في اليمن إلى مهاجمة السفن العابرة للبحر الأحمر دعما للفلسطينيين.
وإلى جانب انخفاض إنتاج الغاز الطبيعي المحلي الذي بدأت مصر في تصديره، تفاقمت المشاكل الاقتصادية في البلاد ومنها نقص الدولار.
وتحتاج مصر إلى الدولار لاستيراد الغاز الطبيعي والمواد البترولية والقمح لبرنامج دعم الغذاء الشامل الذي يشمل أكثر من 62 مليون شخص.
منذ أوائل عام 2022، أدى نقص العملة الأجنبية إلى كبح نشاط الأعمال المحلي وتراكم البضائع في الموانئ وتأخير مدفوعات السلع، مما أجبر مصر على طلب قرض موسع لمدة 46 شهرا من صندوق النقد.
ومنذ ذلك الحين، فقد الجنيه أكثر من ثلثي قيمته مقابل الدولار في سلسلة من التخفيضات المتتالية، بينما لا تزال أسعار البنزين في مصر من بين أدنى الأسعار في العالم.