يُعدّ جبل أحد من أبرز المعالم الطبيعية والتاريخية في المدينة المنورة، حيث يحتضنه شمالًا على بُعد ثلاثة كيلومترات فقط من المسجد النبوي. يتميّز هذا الجبل الشهير بمعالمه الأثرية وكتاباته الإسلامية المبكّرة، إضافة إلى تفاصيله البيئية الفريدة، التي تلقى اهتمامًا واسعًا من الجهات المختصة للحفاظ عليها من الاندثار.
التضاريس الفريدة: “المهاريس” أو “الجِرار”
يتميّز جبل أحد بتضاريسه الطبيعية الفريدة، ومن بين أبرز معالمه ما يُعرف بـ”المهاريس” أو “الجِرار”، وهي تكوينات صخرية طبيعية تشبه التجويفات، تتجمع فيها مياه الأمطار، ما يجعلها مصدرًا مهمًا لري النباتات التي تنمو في سفوح الجبل لفترات طويلة من السنة.

هذه الظاهرة الجيولوجية التي تنتشر بين الشعاب الصخرية للجبل تمنح المكان مظهرًا طبيعيًا رائعًا، وتشكل بيئة حيوية للغطاء النباتي والحياة الفطرية في المنطقة.
الأهمية التاريخية والبيئية للجبل
وفقًا للدكتور فؤاد المغامسي، الباحث والمهتم بالتاريخ الإسلامي، فإن “المهاريس” أو “شعب الجِرار” تُعدّ جزءًا من المعالم الأثرية المرتبطة بتاريخ جبل أحد. فقد كانت هذه التكوينات معروفة في زمن النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وشهدت أحداث معركة أحد الكبرى التي وقعت في السنة الثالثة بعد الهجرة. كما يضم الجبل العديد من الشعاب الصخرية التي تحوي نقوشًا إسلامية مبكرة، تعكس حقبة زمنية مهمة من التاريخ الإسلامي.

من ناحية بيئية، يتميّز جبل أحد بتنوعه النباتي والطبيعي، حيث تتجمع مياه الأمطار في التجويفات الصخرية وتنساب بين الصخور، ما يوفر مصدرًا مستدامًا للمياه للنباتات المحلية. هذه الخصائص جعلت الجهات المعنية، مثل هيئة التراث وهيئة تطوير المدينة المنورة، تعمل على مشاريع للحفاظ على المكونات الطبيعية للجبل، وتعزيز استدامتها.
مشاريع التأهيل والتطوير في جبل أحد
تشهد المنطقة الممتدة على طول الجهتين الغربية والجنوبية من جبل أحد مشاريع تهدف إلى تأهيل المواقع التاريخية، والحفاظ على طبيعة الجبل ومعالمه التراثية. يشمل ذلك تطوير الطرق المحاذية للجبل، وتحسين الوصول إلى المواقع المهمة مثل مسجد الفسح ومنطقة الشهداء التاريخية، وربطها بالمناطق العمرانية القريبة. هذه الجهود تسهم في الحفاظ على الإرث الثقافي والبيئي لهذا المعلم التاريخي الفريد، ليظل شاهدًا على أحداث الماضي وجمال الطبيعة في المدينة المنورة.