الرسوم الجمركية، في تصعيد مفاجئ ومثير للجدل، فرضت كل من الصين والاتحاد الأوروبي رسومًا جمركية جديدة على الواردات القادمة من الولايات المتحدة، وذلك ردًا على القرارات الأخيرة التي اتخذها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض تعريفات جمركية ضخمة على السلع الأجنبية، وبالأخص القادمة من بكين وبروكسل.
هذه التطورات زادت من تعقيد المشهد الاقتصادي العالمي، وأثارت موجة من القلق في الأسواق المالية مع تزايد الحديث عن ركود عالمي يلوح في الأفق.
رفع غير مسبوق من الصين على المنتجات الأمريكية
أعلنت بكين اليوم الأربعاء عن رفع الرسوم الجمركية على مجموعة واسعة من السلع الأمريكية، لتقفز النسبة من 34% إلى 84%، في خطوة تعكس تصعيدًا واضحًا ومباشرًا في الحرب التجارية مع واشنطن.
طرح شركات الجيش، مصر تُعلن عن استكمال برنامج الطروحات الحكومية
هذه الخطوة جاءت بعد ساعات قليلة من فرض الولايات المتحدة تعريفات جمركية جديدة وصلت إلى 104% على المنتجات الصينية، مما ينذر بأن أمد النزاع لن ينتهي قريبًا في ظل غياب أي إشارات على تفاهم أو تهدئة بين أكبر اقتصادين في العالم.
الاتحاد الأوروبي ينضم إلى ساحة التصعيد
لم يقف الاتحاد الأوروبي مكتوف الأيدي، بل أعلن هو الآخر عن فرض رسوم جمركية بنسبة 25% على حزمة من المنتجات الأمريكية كرد على إجراءات ترامب.
أردوغان: الرسوم الجمركية لن تؤثر على صادرات تركيا
وتشمل هذه الرسوم منتجات صناعية وزراعية، إلى جانب تهديد أمريكي بفرض تعريفات أعلى على السيارات والصلب الأوروبيين، ما يزيد من حدة التوتر بين ضفتي الأطلسي.
يواجه الاتحاد الأوروبي حاليًا تعريفات أمريكية تصل إلى 20% على معظم المنتجات، وقد تكون هذه البداية فقط، بحسب مراقبين اقتصاديين.
تأثيرات مباشرة على كندا وشركاء أمريكا
كندا، الحليف الوثيق للولايات المتحدة، لم تسلم من تداعيات هذا التصعيد التجاري، فقد بدأت هي الأخرى في تطبيق إجراءات مضادة.
وتشير التقديرات إلى أن الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب طالت حتى الآن عشرات الدول، وضربت النظام التجاري العالمي القائم منذ عقود، حيث ارتفع متوسط الرسوم في السوق الأمريكية إلى أكثر من 20% مقارنة بـ 2.5% فقط قبل تولي ترامب الرئاسة.
تحذيرات من ركود عالمي وضغوط اقتصادية
بحسب وكالة رويترز، فإن الرئيس التنفيذي لبنك جيه بي مورجان، جيمي ديمون، حذّر من أن هذه الإجراءات الأمريكية الجديدة قد تضع الاقتصاد العالمي على حافة ركود، بل وتزيد من احتمالية تخلف الدول أو الشركات عن سداد ديونها.
لم تتأخر الأسواق في الرد، فقد هبطت مؤشرات الأسهم العالمية بشكل حاد، وتراجعت أسعار النفط إلى أدنى مستوياتها منذ أربع سنوات، كما شهد الدولار الأمريكي وسندات الخزانة تراجعًا بسبب تخوف المستثمرين من فقدان هذه الأصول لقيمتها الآمنة.
ردود فعل دولية ومخاوف من الانهيار
اليابان وكندا أعلنتا تنسيقهما المشترك للمساعدة في استقرار النظام المالي العالمي، وهو الدور الذي كانت تلعبه الولايات المتحدة عادة في مثل هذه الأزمات، لكن يبدو أن واشنطن اختارت هذه المرة المواجهة بدلًا من القيادة.
ورغم هذا، تجاهل ترامب هذه التحذيرات وكتب عبر مواقع التواصل الاجتماعي رسالة طمأنة مفادها: “اطمئنوا! كل شيء سيسير على ما يرام، ستكون أمريكا أعظم من أي وقت مضى”.
توسيع دائرة الاستهداف لتشمل الدواء
لم تقتصر الرسوم الجمركية على السلع الصناعية والزراعية فقط، بل أعلن ترامب نيته فرض تعريفات ضخمة على واردات الأدوية أيضًا، مما دفع بأسهم شركات الأدوية العالمية إلى الانخفاض الحاد، وأثار جدلًا واسعًا حول تأثيرات هذه السياسة على الصحة العامة وتكلفة الرعاية الصحية للمواطن الأمريكي.
التأثير المحلي في الداخل الأمريكي
رغم هذه المعارك التجارية الخارجية، إلا أن تأثيرها بدأ يظهر بشكل واضح في الداخل الأمريكي. فقد شهدت مؤشرات مثل ستاندرد آند بورز 500 خسائر غير مسبوقة منذ إنشائه في خمسينيات القرن الماضي.
ويتوقع خبراء الاقتصاد أن تؤدي هذه الرسوم الجمركية إلى زيادة كبيرة في تكلفة المعيشة، حيث يمكن أن تتحمل الأسرة الأمريكية المتوسطة أعباء إضافية تصل إلى آلاف الدولارات سنويًا.
مواقف الشركات الكبرى والشعب الأمريكي
من جانبها، أعلنت بعض الشركات الكبرى مثل وول مارت عن التزامها بالإبقاء على الأسعار منخفضة، في حين لم تستبعد أخرى رفع الأسعار في المدى القريب.
واستنادًا إلى استطلاع أجرته رويترز بالتعاون مع إبسوس، فإن ثلاثة من كل أربعة أمريكيين يتوقعون ارتفاعًا في الأسعار نتيجة هذه السياسات الجمركية، مما يزيد من الضغوط السياسية على الرئيس الأمريكي الذي كان قد وعد بخفض تكاليف المعيشة خلال حملته.